الخميس، 31 يوليو 2014

الوهابية وأشكال مواجهتها

داعش



بقلم: علي دغمان


من التكبير الى التقسيم تسير المجموعات المتطرفة في سوريا والعراق وتمتد حربها الى لبنان وتطال تردداتها الاردن وكل المشرق فمن جبهة النصرة الى احرار الشام والجبهة الاسلامية الى عشرات المجموعات المقاتلة والمتحاربة ومن اضعفها الى أقواها تنظيم الدولة تنظيمات وهابية تنهش في بلادنا قتلا وتدميرا ممولة من محميات اميركا في الخليج العربي لتنفذ مشروعا تقسيميا للمنطقة على اساس طائفي مذهبي , تقسيم يضمن مصالح الامبريالية والناهب الدولي , هذه التنظيمات المتطرفة تحمل أضخم تراث فكري تكفيري في تاريخ الحركات الإسلامية. والتي تعتبر مسألة التكفير ركيزة أساسية لمذهبها، ومصدر لوجوده وحيويته وتميّزه. فترافق هذا التكفير مع القتل والعنف، فقد بلغ الحال في حروب الوهابيين ضد المسلمين، خصوصا في بلاد الحجاز حيث سيطروا عليها وأقاموا دولتهم، إلى حد استباحة المناطق ونهب ثرواتها وقتل سكانها وسبي نسائها وقتل رجالها دون تمييز، وتخريب دورها وعمارها واشعال النار في مكتباتها، ثم يعودون إلى مقارهم وكأنهم عادوا من فتح اسلامي مبين وتأدية واجب ديني عظيم.


يقول الباحث الدكتور فؤاد إبراهيم في أحد كتبه: “إن الدعوة الوهابية انطلقت من قاعدة أن كل ما هو خارج إطارها كفر محض لتوجد لنفسها مبررات الدعوة والإنتشار العنيف”. ويوضح لنا هذا المسار التاريخي بأن الوهابية قامت على أساس أن كل ما هو موجود منذ وفاة “ابن تيميه” حتى ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب يعدّ زمنا بما فيه من مسلمين خارج نطاق التوحيد وخارج نطاق العقيدة الصحيحة. فهي تعتقد بأن العقيدة الصحيحة التي جاء بها “ابن تيميه” انتهت بعد وفاته، بعدها عاش المسلمون ستة قرون في جهل وضياع إلى أن ظهر “محمد ابن عبد الوهاب” وأحيا هذه الدعوة وكأنما احي وانبعث الاسلام من جديد على يديه.


فمن هو محمد بن عبد الوهاب وكيف استطاع نشر فكره واستمراره بعد 200 سنة من وفاته؟.


والجدير بالذكر ان محمد بن عبد الوهاب لم يستنبط عقائد جديدة، لكنه كان يدعي انه يسعى الى بعث الدين الإسلامي بين العرب بتعاليمه القرآنيه الأصلية، حيث كان يرى ان ضعف المسلمين وسقوط نفسيتهم ليس له من سبب الا ضعف العقيدة، لذا ذكر ان هدف الحركة الرجوع بالإسلام الى نقائه وتطهيره من البدع والخرافات.


اتخذ المذهب الوهابي كل أسسه وأصوله من المذهب الحنبلي الذي أسسه احمد بن حنبل ، لهذا لم تكن حركة بن عبد الوهاب جديدة بل سبقتها قبل ذلك بنحو خمسة قرون حركة كبرى مشابهة ، هي حركة ابن تيمية في القرن الثالث عشر الميلادي وحركة تلميذه ابن قيم الجوزية في القرن الرابع عشر. وكان اثر ابن تيمية شديد الوضوح في تعاليم بن عبد الوهاب. وسرعان ما بدأت هذه الحركة بالتنظيم بسبب الدعم المالي الكبير من بريطانيا مما أدى الى انتشارها في شبه الجزيرة العربية الى أن انتقلت الى بلدان أخرى حيث تأثر بها بعض علماء السنة في العراق ومصر والشام.



ولهذه الحركة تاريخ كبير في التعامل مع المستعمر ، حيث يقول الجاسوس البريطاني “السير همفر” في مذكراته انه “لقد وضعت وزارة الخارجية البريطانية خطة دقيقة ينفذها بن عبد الوهاب وهي تكفير كل المسلمين وإباحة قتلهم وسلب أموالهم وهتك أعراضهم وبيعهم في سوق النخاسة.



كما اتفقت معه على عدة اهداف:


هدم الكعبة باسم أنها آثار وثنية إن أمكن ومنع الناس عن الحج وإغراء القبائل بسلب الحجاج وقتلهم.


السعي لخلع طاعة الخليفة والإغراء لمحاربته أشراف الحجاز بكل الوسائل الممكنة والتقليل من نفوذهم.


هدم القباب والأضرحة والأماكن المقدسة عند المسلمين في مكة والمدينة وسائر البلاد لإعتقادها بأنها وثنية والإستهانة بشخصية النبي محمد وخلفائه ورجال الإسلام.


. نشر الفوضى والإرهاب في البلاد حسب ما يمكنه ذلك”


والواقع أننا لو عدنا إلى مذكرات همفر وأساليب نشر الدعوة الوهابية لوجدنا تطابقاً كاملاً في المبادئ الأساسية التي نظر لها همفر والأساليب المتبعة من قبل أتباع محمد بن عبد الوهاب ومسانديه.


و يقول همفر “وجدت في (محمد عبد الوهاب) ضالتي المنشودة، فإن تحرره وطموحه من مشايخ عصره، ورأيه المستقل الذي لا يهتم حتى بالخلفاء الأربعة أمام ما يفهمه هو من القرآن و السنة، كان أكبر نقاط الضعف التي كنت أتمكن أن أتسلل منها إلى نفسه”. ونتيجة الدعم المالي الكبير قوي عود محمد بن عبد الوهاب واقام تحالفا سياسيا مع محمد بن سعود امير الدرعية يكون هو فيه المرشد الديني وبن سعود القائد السياسي. كان ابرز هذا التحالف اقتحام مكة في التاسع من محرم العام 1208 هـ ، حيث دخلوها فهدموا أولاً ما في المعلى من قبب وهي كثيرة، ثم هدموا قبة مولد النبي محمد، ومولد أبي بكر وعلي وقبة السيدة خديجة وقبة زمزم والقباب التي حول الكعبة وتتبعوا جميع المواضع التي فيها آثار الصالحين فهدموها.


ولا بد من ذكر مذبحة الطائف في العام 1217 هـ حيث دخل الوهابيون الطائف وقتلوا الناس وقيل انهم قتلوا من في المساجد وهم في الصلاة.


ثم هاجموا المدينة المنورة العام 1221 ونهبو الحجرة النبوية. وفي هذه السنة أخذ الوهابيون كل ما في الحجرة النبوية من الأموال والجواهر وطردوا قاضي مكة وكذلك قاضي المدينة ومنعوا الناس من زيارة قبر النبي وأخذوا جميع ذخائر الحجرة وجواهرها حتى وقد تعطل الحج ثلاث سنين. وفي العام 1225 هـ هجم عبد الله بن سعود الوهابي على بلاد حوران في الشام فنهب الأموال وأحرق الغلال وقتل الأنفس البريئة وسبى النساء وقتل الأطفال وهدم المنازل وعاث في الأرض فسادًا.


وكان الوهابيون يعتبرون جميع المسلمين المعاصرين لهم والذين لا يؤمنون بتعاليمهم أكثر شركا من الجاهليين في الجزيرة العربية . وكانوا يعتقدون أن جميع الذين سمعوا دعوتهم ولم يتبعوها كفرة وعندما كان الوهابيون يحتلون مدينة يحطمون الشواهد والأضرحة على قبور الأولياء والصالحين ويحرقون كتب الفقهاء الذين يختلفون معهم. لقد أثاروا في المجتمعات العربية كثيراً من الإشكالات، وباتوا يناقشون في الشكليات على حساب الأساسيات من الأمور كطول الثوب وقصره ، وحول حجم اللحية وطولها وكثافتها وحلق الشوارب والسواك وحول زيارة القبور وجوازها أو عدمه.


ان ما ذكر كأحداث من تاريخ هذه الحركة ومع ما تقوم به المجموعات المتطرفة اليوم من تدمير للحضارة البشرية ومع كل ما نراه من قتل ونهب وتدمير باسم الدين والله نرى ان هذه المجموعات هي استمرار لنهج يحمل بذور الفتنة، وهو غير مرتكز على اي اساس فقهي اسلامي وبل بإعتراف اصحابه هو مذهب يكفر السنة قبل الشيعة ومثالاعلى ذلك تكفير الصوفيين وغيرهم.


ان العدو كان يطمح دائما الى تقسيمنا وتفتينا وخلق صراعات بيننا ليستطيع سرقة موارد بلادنا وابقانا في حالة ضعف وتشرذم.


ان هذه الهجمة التي تشن على الوطن العربي من قبل بدو الصحراء ادوات الإمبريالية. تحتاج منا مواجهة من نوع جديد فان كانت دولة الخلافة قد ازالت الحدود بين سوريا العراق وان كانت المجموعات التكفيرية تعتبر ان ساحة المعركة واحدة فعلينا نحن ايضا ان نوحد جهودنا كدول المشرق، ونتحد في سياسة مواجهة تتخطى حدود سايكس بيكو فقد اثبتت التجربة والتحديات اننا مجال جيوسياسي واحد فإن الرد التقدمي الملائم يتمثل اليوم بتجاوز الحدود الإستعمارية نحو صيغة اتحادية تجمع اقطار وشعوب المشرق فالحرب شاملة ولا يوجد مكان للوهن او التباطء فالخطر داهم ويدق ابواب الجميع.






اخبار


0 التعليقات:

إرسال تعليق