الثلاثاء، 12 مايو 2015

«بن الزبال»…انتصر الموقف وتبقى الحقيقة..«كل العالم عنصري»

racism1

كتبت : شيماء حفظي

في مشهد درامي كأفلام السينما، تغلبت عاطفة “الحب” على الفوارق الطبقية، وتمكن “بن البواب” من أن يتزوج “الأميرة” ابنة صاحب القصر، هكذا انتصر الموقف لكرامة “بن الزبال” من تصريحات الوزير التي أطاحت به من منصبه، في شيئ قد يصفه البعض “سذاجة” أكثر منها ذلة لسان.

والغريب أن الأمر لم يكن بعيد عن فكر وواقع المصريين منذ زمن، فالسينما التي تعد أكبر معبر عن الواقع المجتمعي وربما المحرك له في بعض الأحيان، تناولت وبشكل مستفيض قصة “الهانم وابن البواب” كرمزية للصراع الطبقي بين الفقر

download (1)والثراء، حتى وإن اختلفت النهايات بين واقعية إلى حد كبير ورومانسية تبعث الأمل في انتهاء النظرة الدونية، أو تجعل من التفو ق العلمي سنداً لمن لا يملك المال أو النسب، كـ” رد قلبي.. ابن الجنايني بقا ضابط يا إنجي”.

ولكن علينا التوقف للحظات، ليس أمام تصريحات الوزير “السابق” بل أمام النظرة “العنصرية ” بشكل عام، والتي تعد سمة أساسية للعالم باختلاف الأزمنة والأماكن أو حتى الأسباب.

فما بين العنصرية الطائفية، المذهبية، الجنسية، العرقية، الطبقية، وحتى العنصرية الفكرية تعاني أطياف مختلفة من البشر حول العالم.

 «العنصرية بسبب العرق»

لا يوجد مثال في اضطهاد أشخاص بسبب عرقهم أشهر من أحداث السود في أمريكا، و العنف ضد المواطنين ذي الأصول الأفريقية، في مشهد يدعو للاندهاش من كون الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وهو أسود اللون، يقف عاجزاً أمام هذا النوع من الاضطهاد العرقي.

وأوضحت صحيفة  ”التليجراف” البريطانية،  أن 72% من المواليد السود يولدون خارج مؤسسة الزواج، وفي المقابل 29% من البيض يولدون في إطارها، وهو ما يعني أن نسبة كبيرة من المواليد السود خارج الرعاية الحكومية الأمريكية.obama_4

«العنصرية بسبب الدين»

عندما جلب البريطانيون العديد من المسلمين الهنود إلى بورما لمساعدتهم في الأعمال المكتبية والتجارة، وبعد الاستقلال أبقى على الكثير من المسلمين في مواقعهم السابقة وقد حققوا شهرة في التجارة والسياسة، لكن شهرة المسلمين آنذاك لم تبلغ شهرتهم بعد “مذبحة أراكان”
حيث نفذت مذبحة مروعة للمسلمين في أراكان لأسباب دينية، ولكنها على الأرجح كان دافعها السياسة والجشع، ويعود اصل القصة، أن شاه شجاع الإبن الثاني لإمبراطور المغول شاه جهان الذي بنى تاج محل قد خسر المعركة أمام أخيه وهرب مع عائلته وجنوده إلى أراكان حيث سمح له ملكها المدعو ساندا توداما (1652-1687) بالسكن فيها، و أراد أن يشتري سفنا ليحج بها إلى مكة، وكان يرغب أن يدفع بالذهب والفضة، فأراد ملك أراكان أن يتزوج ابنته طمعا في ثروته التي معه، ولكن لم يتم له ذلك، وبالنهاية وبعد محاولة تمرد فاشلة منهم قتل بعض أفراد عائلة الأمير شاه جهان وقطعت رؤوس الرجال الذين يحملون اللحى، ووضعت النساء في السجن ليموتون من الجوع، وبذا استهدفت المذبحة جميع اللاجئين المسلمين من الهند.

_460

ولم يتوقف الاضطهاد الديني على المسلمين، لكنه طال المسيحيين أيضاً في عدد من الدول، ويقدر حاليًا نحو 100 مليون مسيحي يواجهون الاضطهاد ولا سيما في الدول الشيوعية والعديد من الدول الإسلامية والهند، وأشّد الاضطهادات للمسيحيين وفقًا لمنظمة أبواب مفتوحة، هي في كوريا الشمالية، حيث لايسمح لأي أديان أن تمارس شعائرها، ويقدر بعض المسيحيين بأنه في ألفي عام من المسيحية، قد عانى من الاضطهاد نحو 70 مليون من المؤمنين وقد قتل من أجل إيمانهم منهم 45.5 مليون أو 65 في المائة منهم في القرن العشرين وفقًا للاضطهاد الجديد.

«ضع وصفاً مناسباً .. وافعل ما شئت»

خطوة جديدة وربما غريبة في ذات الوقت، عندما أعلن رئيس طاجكستان إمام على رحمانوف، الذي يحمل اسمًا عربيًا، حملة ضد” الإرهاب” أمر على إثرها البرلمان بتمرير مشروع قانون، يحظر تسجيل المواليد الذين يتم تسميتهم بأسماء “عربية” خالصة، بحيث لا يقبل أي اسم عربي أو معاد للثقافة الطاجكية.، وإلزام كل من لديه اسم عربي بالفعل على تغيير اسمه لصيغة طاجكية.
ليتدخل الرئيس في أدق تفاصيل الحياة الشخصية للمواطنين، ولتذهب حقوق الإنسان إلى الجحيم، بعد أن قرر سابقاً، قرر منع اللحى والحجاب بدعوى مكافحة المظاهر المتطرفة.
ليلعب الرئيس بحياة  المسلمين الذين يمثلون نسبة 90% من عدد سكان طاجكستان التى يحكمها رحمانوف منذ عام 1994.

«الساحرة المستديرة..عرفت الكراهية أيضاً»

رغم أنها لعبة جماعية لا تنظر إلى الفرد، لكن تسللت إليها أيضاً وبشكل ما تمييزات العنصرية، فها هو نجم مانشستر سيتي “يايا توريه” يتعرض لإساءة عنصرية خلال ساعات من إعادة تنشيطه لحسابه على موقع تويتر، والذي تم تسجيله في بلاغ رسمي للشرطة.20140217_183440_3750

وفي حادثة أخرى، فتح المهاجم الكاميروني “صامويل إيتو”  قلبه للحديث عن موقفه من العنصرية، والمواقف التي تعرض لها، في حوار له مع سكاي نيوز عربية في 19 مارس 2015.

فيما درست إدارة نادي ليفربول لكرة القدم، إبريل الماضي، اتخاذ “إجراء مناسب” لمعاقبة أحد مشجعيه، بسبب استيائه من مسلمين يؤديان الصلاة داخل ملعبه “أنفيلد رود”، بين شوطي إحدى مباريات الـ”ريدز” في الدوري الإنجليزي، حين التقط مشجع ليفربول ستيفن دود صورة لهما ونشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، واصفا إياهما بـ”العار”.

واستكمالاً للأندية العظمى، أعلنت شرطة المواصلات البريطانية فتح تحقيق ضد عدد من مشجعي نادي تشلسي، بسبب توجيه إساءات عنصرية، داخل قطار متجه من لندن إلى مانشستر، عقب المباراة النهائية لبطولة كأس رابطة المحترفين.

«أين يكمن الحل؟ »

أطلقت عديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية، مبادرات لنبذ العنصرية، وتحقيق مبادئ التكافؤ والمساواة، وأحد أشهرها ما قام به اللاعب البرازيلي نيمار في حملة “كلنا قرود” على تطبيق إنستجرام دعماً لزميله في برشلونة دانييل ألفيس، بعد أن تعرض لعمل عنصري، عندما ألقى عليه أحد مشجعي نادي فياريال موزة. وتفاعل العديد من الرياضيين مع هذه الحملة.

ولكن يبقى السؤال الأهم “ماذا بعد التعاطف؟” ، هي ذاتها النقطة التي وصل إليها «بن الزبال» بعد أن ترك الوزير منصبه، تغير الوزير ولم تتغير القاعدة، “بن الزبال” ليس كذلك في عين الوزير فقط لكنه في عين كل مواطن عادي ربما يمتلك عمل حكومي أو لا.

يجب على كل منا أن يطرح على نفسه سؤالاً..” هل يمكنني مصادقة بن زبال؟ – هل يمكنني أن أقبل بمثله زوجاً لابنتي؟ – أيمكن لفتاة جميلة مثلي أن يكون حماها عامل نظافة؟ – أيمكنني وأنا بن حسب ونسب أن أصافح رجلاً متسخاً ولو عشقت ابنته؟”.

الحقيقة أن  ”بن الزبال” لم ينتصر، ولم يأخذ حقه، لأن في النفوس البشرية تقبع العنصرية، وباختصار فإن ” العالم كله عنصري”.



استراحة

0 التعليقات:

إرسال تعليق