إعداد : مجدي غنيم : المحرر العلمي “لقناة النيل”
العلم الذي يبحث في طبيعة الكون ونشأته وعمره هو علم “الكسمولوجيا” أو علم “الكونيات” ، وهو ذروة العلوم الفيزيائية وأشدها تعقيداً ، وهو لم يأخذ شكله الحديث الحالي إلا في القرن العشرين ، ومن قبله كان يدخل في عداد “العلوم الفلسفية” أكثر مما يدخل ضمن “العلوم الفيزيائية” ، ويمكن القول بأن الكسمولوجيا من الثمار المباشرة لـ “نظرية النسبية” ، فقد أتاحت هذه النظرية المعقدة ذائعة الصيت للعلماء الأدوات الرياضية اللازمة للتعامل مع مفهوم “الكون ككل” .
وكان علماء الفلك يبحثون في “مكونات الكون” ، يبحثون في طبيعة الكواكب والأقمار والمذنبات والنجوم ..الخ ، أما “الكون ككل” فكان يخرج عن نطاق عملهم ، إذ كيف السبيل إلى هذا ؟
ومن خلال عمليات رياضية في غاية التعقيد أصبح هذا متاحاً في القرن الماضي ، وأصبح الرأي السائد – وإن لم يكن الوحيد – أن الكون جاء نتيجة “انفجار” لايمكن للعقل تصوره ، وانتشر تعبير “بيج بانج” بالإنجليزية أي “الانفجار الكبير” الذي يعبر عما حدث في العالم كله .
لكن متى حدث هذا ” الانفجار الكبير” ؟
استخدمت أحدث أجهزة الكمبيوتر وأكثرها قدرة في إجراء حسابات رياضية عالية التقدم ، لتقديم الإجابة على السؤال .
ووفقا لأحدث هذه الحسابات ، فإن الكون نشأ منذ 1308 بليون سنة استراح العلماء لهذا التقدير واطمأنوا به .
لكن ذلك الرقم جاء نتيجة ” حسابات ” ، مجرد ” حسابات ” رياضية ، وإن كانت حصيلة عمل عقول جبارة فعلا ، وقد ظل الهاجس ، ماذا لو تبين أن عمر أحد الأجرام الكونية أكبر من الرقم المذكور ؟
إن عمر أحد أجرام الكون يستحيل أن يكون أكبر من عمر الكون نفسه ! هذا أمر بديهي .
لو وقت غير قصير ؛ ظل عمر أقدم نجم تمكن علماء الفلك من رصده 1302 بليون سنة ، إذن كان هناك فرق 600 مليون سنة بين عمر أقدم نجم مكتشف والعمر المقدم للكون كله ، وهذا في صالح تقدير العلماء تماماً .
الآن يؤكد فلكيون أستراليون انكماش ذلك الفارق ؛ إذا أعلنوا أي زيادة 400 مليون سنة ، أي أن الفرق الآن بين أقدم جرم في الكون وعمر الكون نفسه يبلغ 200 مليون سنة فقط .
وفقاً لما أكده مرصد “مونت سترومولو” القريب من العاصمة الأسترالية كانبيرا ، فإن علماءه اكتشفوا ذلك النجم في مجرتنا المعروفة “بدرب التبانة” أو “الطريق اللبني” ، والمسافة التى تفصله عنا في حدود 6000 سنة ضوئية .
والمعروف أن “السنة الضوئية” وحدة لقياس المسافة يستخدمها الفلكيون ، وهي تعادل 10000 بليون سنة كيلومتر .
كانت “الجامعة القومية ” الأسترالية قد أقامت ضمن منشآت رصد “مونت سترومولو” واحداً من أحدث تلسكوبات العالم وأقواها ؛ هو التلسكوب “سكايماير” ، وهي تستخدمه الآن في تحقيق مسح متقدم للغاية للنجوم في الكون ، واكتشاف ذلك النجم أهم ثمار هذا المسح حتى الآن .
هل يتمكن الفلكيون من رصد نجم أقدم من النجم المكتشف ؟ إن ذلك سيكون مثيراً .. لكن سيسبب لهم تعقيدات بالغة .
استراحة
0 التعليقات:
إرسال تعليق